السؤال
قرأتُ حديثًا على الإنترنت، وفيه ذِكْر علامات يوم القيامة الكبرى، وأريد معرفة مدى صحَّة الحديث ؟؟ ، ومنها:
1- سقوط سبعةٍ من أمراء الدول ( وهي علامة أصلا غير صحيحة وخاطئة لم تذكر أبدا في الحديث ).
2- ظهورُ الإمام المهدي.
3- ظهورُ الدَّجَّال.
4- نزولُ سيدنا عيسى - عليه السلام.
5- ظهورُ يأجوج ومأجوج.
6- طلوعُ الشمس مِن مغربها.
7- غلقُ باب التوبة.
8- ظهورُ دابَّة الأرض؛ لتضع علامة على المسلمين.
9- يعم الضَّباب على الأرض لمدة أربعين يومًا، ويقتل كل المؤمنين؛ حتى لا يشهدوا بقية العلامات.
10- خروجُ نارٍ عظيمةٍ تُسبِّب الدَّمار؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: ((إنَّ من نقل هذا النبأ عني، سأجعل له يوم القيامة مكانًا بالجنة))، أتمنى الرد؛ حتى لا ينتشر حديثٌ خطأ عن النبي - صلى الله عليه وسلم.
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فجزاكِ اللهُ خيرًا عَلَى حرصِكِ على معرفة الحقِّ، وغَيرتِكِ على سنَّة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من أن يُنسب إليها ما ليس منها، وبعدُ:
فعلاماتُ القيامةِ الكبرى؛ والتي هي أمورٌ عظيمة يدلُّ ظهورُها على قُربِ قيامِ الساعةِ، ويكون خروجُها متتابعًا، فإذا ظهرتْ أُولى العلاماتِ، فإن الأُخرى على إِثْرها؛ وهِيَ عَشْرُ علاماتٍ: ظُهور الدَّجَّال، ونزولُ عيسى ابنِ مريمَ، ويأجوجُ ومأجوجُ، وثلاثةُ خُسوفاتٍ: خَسفٌ بالمشرق، وخَسفٌ بالمغرب، وخَسفٌ بِجزيرةِ العَرَبِ، والدُّخانُ، وطُلُوعُ الشمس من مَغرِبها، والدابةُ، والنَّار الَّتي تسوقُ الناس إلى مَحْشَرِهم.
فقد روى مسلم في "صحيحه"، عن حذيفة بن أسيدٍ الغفاري، قال: اطلع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علينا ونحن نتذاكَر، فقال: ((ما تذاكرون؟))، قالوا: نذكر الساعة، قال: ((إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آياتٍ))، فذكر: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم - صلى الله عليه وسلم - ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوفٍ: خسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسفٌ بجزيرة العرب، وآخر ذلك: نارٌ تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
وفي رواية: ((ونارٌ تخرج من قعرة عدنٍ ترحل الناس))، وعند أبي داود: ((وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن من قعر عدنٍ، تسوق الناس إلىالمحشر)).
قالالنوويُّ في "شرح مسلم":
"وهذه النار الخارجة من قعر عدنٍ واليمن هي الحاشرة للناس؛ كما صرَّح به في الحديث، أمَّا قولُه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي بعده: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نارٌ من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى))، فقد جعلها القاضي عياضٌ حاشرةً، قال: ولعلهما ناران يجتمعان لحشر الناس، قال: أو يكون ابتداء خروجها من اليمن، ويكون ظهورها وكثرة قوتها بالحجاز، هذا كلام القاضي، وليس في الحديث أن نار الحجاز مُتعلقةٌ بالحشر، بل هي آيةٌ من أشراط الساعة مُستقلة". اهـ.
ويتبيَّن مما سبق أنَّ الأحاديث الواردة في أشراط الساعة تعددتْ طرُقُها وألفاظُها، ومنها ما في الصحيحين، وأجمعت الأمة على صحته، ومنها ما في غيرهما؛ ومنه الصحيح، ومنه الضعيف، ومنه الموضوع.
وإن أردت الاستزادة، فعليك بمُراجعة المطولات في كُتُب السُّنن أو غيرها؛ مثل: كتاب "النهاية في الفِتَن والملاحم"؛ لابن كثير، و"إتحاف الجماعة بعلامات الساعة"؛ للتويجري، وكتاب "القيامة الصغرى"؛ للأشقر، وكتاب "أشراط الساعة"؛ ليوسف الوابل.
أما الضباب الذي يعم الأرض... إلخ، فالوارد في السنة حديث النواس بن سمعان، قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال ذات غداةٍ، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ((ما شأنكم؟))، قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدَّجَّال غداةً، فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: ((غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤٌ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلمٍ؛ إنه شاب قططٌ، عينه طافئةٌ، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطنٍ... ثم قال: إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمانٌ كاللؤلؤ، فلا يحل لكافرٍ يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد، فيقتله...، ثم ذكر خروج يأجوج ومأجوج، وهلاكهم...، إلى أن قال: إذ بعث الله ريحًا طيبةً، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمنٍ، وكل مسلمٍ، ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة)).
أما الحديثُ المذكورُ - في السؤال - فموضوعٌ ليس موجودًا في شيءٍ من كتب السُّنَّة، ولا في دواوين الإسلام، وهذه أمارة الوضع عند أهل العلم؛ فضلًا عن الرِّكَّة الظاهرة في ألفاظه، وكذلك الحديث المذكور في سقوط سبعة أمراء لا يصحُّ - أيضًا - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم.
هذا؛ ولا يجوز تداوُل تلك الأحاديث المنتشرة على الإنترنت؛ حتى نعلمَ صحتها من ضعفها؛ لأن ذلك يتوقَّف على ثُبُوت الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدمه، فإن ثبتت نسبتها إليه، فإن نشرها من عمل الخير والتعاوُن على البرِّ والتقوى، والدلالة على الأعمال الصالحة.
وأما إن لم تثبت نسبتها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يجوز نشرُها؛ فقد توعَّد الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - من حدَّث عنه بما لم يقلْ، فقال: ((من حدَّث عني بحديثٍ يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين))؛ رواه مسلم، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كفى بالمرء إثمًا أن يحدِّث بكل ما سمع))؛ رواه مسلم.