الصداقة الحقيقية هي ينبوع الحنان والمحبة والوفاء والإخلاص والتسامح.
فلكل منا صديق او اكثر يثق به وقد يكون هذا الصديق بمثابة الاخ.
ولكن ماذا بامكانك ان تفعل اذا شعرت ان صديقا عزيزا سيفارقك؟
هل ستبكي؟ ام انك ستنتظر عودته بفارغ الصبر؟ هذا ان كان هناك امل في عودته!
ان قصتي المؤثرة هذه هي عن جارتين وصديقتين حميمتين في سن العاشرة, وهما
في المدرسة ذاتها وفي الصف ذاته وقد اعتادتا منذ الصغر ان تكونان دائما معا لا
تفترقان ابدا. الفتاة الاولة كان اسمها ريم وهي فتاة وحيدة من عائلة ثرية وقد كانت
جميلة وذكية ومحبوبة لدى الجميع. اما الثانية كان اسمها رغد وقد كانت من عائلة
بسيطة ولديها ثلاثة اخوة اصغر منها لهذا فان والديها لم يعطينها الرعاية اللازمة
كباقي اخوتها وهي لم تكن بذكاء ريم ولا بجمالها ولكنها كانت ماهرة في الاعمال
المنزلية وكانت مساعدة ومحبة للآخرين. وكانتا هاتين الصديقتين مثالا وعنوانا
للصداقة والمحبة والتسامح. ولكن دائما كانت انظار الجميع على ريم الجميلة
الغنية حتى بدأت رغد تغار منها شيئا فشيئا.
وفي نهاية السنة الدراسية اختارت المعلمة ريم لتكون من بين اكثر الطلاب تفوقا في المدرسة حيث قدمت لهم الجوائز في حفلة نهاية السنة واخذ جميع الحاضرين من اهالي ومعلمين يمتدحون ريم ويقدرونها ويفخرون بها, ومن شدة فرحها بدأت تنسى صديقتها التي لطالما
ساعدتها في الدراسة وفي حل مشاكلها.عندها غضبت رغد كثيرا وغادرت المكان.
وهي في طريقها الى المنزل التقت بالفتاتين الحسودتين ندين وحنين فسألتاها بخبث :
"رغد, لماذا تعودين الى البيت في هذا الوقت المبكر؟ الا تريدين ان تهنئي صديقتك لتفوقها ؟ "
اجابت رغد غاضبة: "لن افعل. لن اهنئ هذه المتعجرفة الانانية التي تنسى كل شيء عندما يمتدحها احدهم "
ولكن عندما عادت رغد الى البيت ندمت عما قالته وقررت ان تنسى كل ما حدث وان تهنئ ريم والا تظهر لها شيئا.
وفي صباح اليوم التالي وقفت رغد تنتظر ريم كالمعتاد لتذهبا معا الى المدرسة
وبعد قليل جاءت ريم وملامح الغضب والحزن بادية على وجهها ولم تتفوه بكلمة
واحدة طوال الطريق, فسالتها رغد اذا كانت تعاني من شيء فلم تجب ولم يخطر
على بال رغد ان تكون ندين قد قالت شيئا لريم. وبعد قليل توقفت ريم وقالت:
"رغد, هل تريدين ان ننهي كل مابيننا من صداقة ؟"
تعجبت رغد وسالتها عن السبب !
فقالت ريم غاضبة وبصوت عال:" اتسالينني عن السبب؟ وكانك لم تقولي شيئا
امس لندين وحنين ! ام انك تتظاهرين بالبرائة. لماذا لا تواجهينني ايتها الجبانة
اتخافين مني ؟ لقد وصلتني كل كلمة قلتها امس واذا كنت تريدين حقا ان تتخلي
عن صداقتي فلا باس, هناك الكثير من الفتيات اللواتي يتمنين صداقتي .
يا لغبائي لقد تركت اجمل البنات لأصاحب فتاة فقيرة غبية وبشعة مثلك"
عندها قالت رغد بتردد والدموع تتساقط من عينيها:"معك حق ,فانت ريم الجميلة
الغنية لا تحتاجين الى فتاة فقيرة مثلي ولكنني لم اكن اتوقع ان تكوني بهذه القسوة ولم اتوقع ان اسمع منك هذا الكلام بعد ان ساعدتك وكنت اعاملك بكل محبة واخلاص. على اي حال انا اسفة !"
ثم تركتها وذهبت راكضة حزينة الى المدرسة.
مر اسبوعان وريم ورغد ما زالتا متخاصمتين, رغد استطاعت ان تتخذ من روان
الطيبة صديقة لها واخذت تتقدم في دروسها اكثر واكثر واستطاعت احراز اعلى
العلامات في الامتحانات واصبح الجميع فخور بها ولكنها لم تنسى ابدا صديقتها
القديمة ريم التي اصبحت وحيدة في المدرسة ايضا فهي لم تستطع ايجاد صديقة لها
واخذت تتراجع في دروسها شيئا فشيئا وكانت دائما تهم بالذهاب للاعتذار من رغد
عما قالته ولكنها كانت تتراجع في اللحظة الخيرة. واخيرا قررت الانتقال الى
مدرسة اخرى وبما انها فتاة مدللة فقد وافق والداها وانتقلت الى مدرسة جديدة
مع بداية السنة الدراسية السادسة, وهناك استطاعت التفوق والنجاح في الامتحانات.
وفي نهاية السنة اختارت المعلمة رغد لتمثل المدرسة في مسابقة الخطابة في لندن
وذلك لتفوقها ونجاحها في جميع المواضيع, وايضا وبالمصادفة اختيرت ريم
لتمثل مدرستها الجديدة في المسابقة وموضوع الخطبة هو الصداقة.
والقت كلتا الفتاتين خطابا رائعا ومتشابها تقريبا, لقد كانت مصادفة ومفاجاة
للاثنتين حيث تحدثت رغد عن صديقتها القديمة الرائعة ريم, وايضا تكلمت ريم في
خطبتها عن صديقتها المفضلة والمخلصة رغد. وقد سعد الجمهور جميعا لسماع
هاتين الخطبتين المميزتين وصفقوا لهما بحرارة مما ادى الى فوز رغد بالجائزة
الاولى وفوز ريم بالجائزة الثانية.
وبعد انتهاء المسابقة خرجتا متفاجئتين بهذه المصادفة,تعانقتا ثم هنئت الواحدة الاخرى واعتذرت ريم عما بدر منها ثم دعت رغد لحفلة شاي في منزلها وهناك اهدتها رغد العقد الذهبي الذي احتفظت به منذ زمن طويل.
ثم قررتا الانتقال الى المدرسة الاعدادية معا وتعاهدتا ان تبقيا صديقتين
حميمتين مدى الحياة وان لا تفترقا ابدا.
أحدث الصور
التسجيل
