شركة نيوفورايجى
يارفيق الدرب Ezlb9t10
شركة نيوفورايجى
يارفيق الدرب Ezlb9t10
شركة نيوفورايجى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
أحدث الصورأحدث الصور  الرئيسيةالرئيسية  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 يارفيق الدرب

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
soso
الادارة
الادارة
soso


ذكر
يارفيق الدرب Egypt10
عدد الرسائل : 13166
العمر : 24
يارفيق الدرب Yragb11
تاريخ التسجيل : 15/08/2009

يارفيق الدرب Empty
مُساهمةموضوع: يارفيق الدرب   يارفيق الدرب Emptyالأحد أبريل 28, 2013 5:06 am

يا رفيق
الدرب

غريب هو
القدر الذي يحكم حياتنا ؛ فأحيانا يجمعنا بأشخاص لا نتوقع أن نقابل مثلهم , ليصبحوا
فجأة همأعز أصدقائنا وربما أغلى ما نملك . في مكان لا يمكن أن نتخيل أنه سيكون
مسرحالبداية جديدة في حياتنا , وفي وقت ربما نكون قد ظننا فيه كل الظن أن الحياة
قدتخلت عنا وتركتنا خلفها . في تلك اللحظة يظهر ذلك الشخص ليغير حياتنا كلها
وليجعلهارهينة للحظة ظهورها ... رهينة للحظة التي تعرفنا عليه فيها وليصبح دون سابق
إنذارخليل الروح....

كان ربيعا عاصفا ذاكالذي مر على قريتنا في العام الماضي
, تفتحت فيه كثير من الأزهار الحمراء , الجميعهنا يعيش على أعصابه , الكل متأهب
ومترقب لما سيحدث , الحواجز تملأ الطرقات ,السلاح في كل مكان .

وجوه غريبة تنتشر
فيكل زاوية . لقد مر الآن عام على تلك الأحداث .نعم لقد مر عام منذ فارقنا فادي
.لقد كان لقاء عابرا ذاك الذي جمع بين فادي وخليل أول مرة , وما كنا ندري حينها
أنهسيكون بداية صداقة متينة , وما كنا ندري أنها صداقة ما تكاد تقوى عراها
وتستوثقوتتفتح أزهارها حتى تقطف . صداقة قصيرة حقا ولكنها تركت أثرا لن تمحوه
الأيام مهماطالت .

مازلت أذكر ذلك اليومالذي غادرنا فادي بكل تفاصيله ؛
كنت برفقة خليل نتجول في القرية ونتفقد بعض الأمورالهامة والتقينا بفادي وكان على
عجلة من أمره . مازلت أذكر ذلك الشاب جيدا ؛ شابعشريني مفعم بالحياة , ذو طلة بهية
, هادئ القسمات له قلب جريء وعينان واثقتان .شاب يعرف كيف يفكر و كيف ينفذ . جاءنا
مسرعا وقال : إنهم قادمون ,علينا أخذ الحيطةوالحذر , الوضع غير مطمئن . لن يدخلوا
إلا على جثتي . ثم وجه خطابه إلى خليل :تأكد أن الأهل جميعا في مكان آمن . فهز خليل
رأسه بالموافقة وقال : إن شاء الله ,سآخذهم الآن إلى مكان آخر
.

أعطانا كل
التفاصيل ,كل ما يجب أن نقوم به بينما راقبته أنا بصمت . كانت عيناي معلقتان به ,
لم أستطع أن أرفع بصري عنه . لقد ساءني ماقال وانقبض صدري وشعرت بمصيبة قادمة ,
واعتراني القلق . لكنني لم أُحر جوابا ولمأعلق بكلمة . كنت أنظر إلى عيني صديقي فقط
. نظرت طويلا إلى عينيه وهو يخاطبنيبكلام لم أع منه شيئا , كنت قلقلا وحسب , وأترقب
الآتي بينما كان هو هادئا ورابطالجأش .لقد كان وجهه منيرا على نحو عجيب تعلوه
السكينة والوقار . كل شيء عنده مخططله بإتقان . هو باختصار الرجل الذي يعتمد عليه
في الملمات , إنه رجل الأوقاتالصعبة . كم أتمنى أن أكون مثله . أخبرنا بكل التفاصيل
ولما فرغ جلس مكان خليل فيالسيارة وقال : هيا بنا نذهب يا عامر . لدينا الكثير
لنقوم به .

وبينما
مضيت مع فادينتفقد بقية الشباب ونخبرهم بجديد الأخبار والترتيبات التي يجب أن
نتخذها , أسرعخليل بأهله إلى المزرعة التي خارج القرية .

وبعد سويعات قليلةدخلت الدبابات إلى
القرية , كان أزيز الرصاص يصم الآذان , ورائحة البارود تعبق في المكان ,
وأشباحالموت تحوم في كل زاوية قاتلة كل أمل في النجاة . وبينما الحال كذلك أعاد
خليلأهله إلى البيت من أحد الطرق الفرعية , في حين كل من سلك الطرق الرئيسية لقي
مصرعه.

وبقيت مع
فادي نتجولفي طرقات القرية نتفقد الأحوال , ولكن فجأة أصبحت الدبابات أمامنا
والرصاص في كلمكان . فقررنا النزول من السيارة ومحاولة الدخول إلى أحد المنازل .
نزلنا بسرعة واختبأنا خلفها محاولين الوصولإلى أقرب منزل . قد نال مني القلق , كنت
ألتفت إلى جميع الاتجاهات محاولا العثورعلى أسلم طريق للاختباء وبينما أنا كذلك إذ
بفادي يميل علي . فبادرته بالسؤال :

ماذا يجب أن نفعلالآن ؟ هيا أخرجنا من هذه الورطة
.

ولكن ... لا
جواب ولاحتى حركة , فنظرت إليه برعب و ناديت : فادي هل أنت بخير
؟

ولكن فادي قد
أسلمالروح إلى بارئها ...رصاصة واحدة وانتهى كل شيء ... رصاصة قد نالت منه
.

أرهبني الموقف
لم أكنأتخيل يوما أن يموت صديقتي أمامي على هذا النحو . ورغم الصدمة القوية التي
تعرضتلها كان علي أن أتمالك نفسي سريعا كي أتمكن من إخراجه وإخراج نفسي من هذا
الموقفالعصيب . وبالكاد استطعت ذلك . ثم همت على وجهي لا أدري إلى أين
.

عبرت طرقات
قطعتمزارع تحت وابل من الرصاص ولم أجد نفسي إلا وأنا أمام بيت خليل أطرق الباب .
فتحالباب سريعا وإذ بخليل يقف أمامي فزعا منرؤيتي وبادرني قائلا : ما الخطب ؟!
أينفادي ؟!

فلم
أدر ما أقول ..أطرقت بصمت وحسب ..فأمسكني من كتفي وهزني بقوة
:

- أين فادي ؟!
ماذا حدث ؟! هيا أخبرني .

فأجبت بصوت متحشرجمتقطع لا يعدو أن يكون نفسا خرج من
صدر تغلي براكينه :

لقد استشهد فادي ...
فإذا خليل يترنحأمامي ويخر على الأرض لا
يعي شيئا مما حوله . لقد كانت صدمة كبيرة .

كيف اتفق أن حدث هذه؟! لا أدري ! غريبة هي الحياة حقا !
يا الله كيف تسير الأقدار ! لو بقي خليل فيتلك السيارة لكان هو الذي استشهد بدلا من
فادي .

لقد بقي
خليل بعد تلكالحادثة طويلا حتى تمالك نفسه وخرج من حداده . أكثر من شهر حتى استطاع
ترك لبسالسواد , ومع ذلك بقي يتمنى لو أنه ظل في السيارة واستشهد بدلا من فادي كي
لايتجرع كأس حسرته مرة بعد مرة .

منذ ذلك اليوم أقسمأن يأخذ بثأره من قتله , ومازال
يتحين الفرص حتى أزف الرحيل . لم يفارقه لحظه ,لقد بقي لقد بقي حاضرا في كل مكان
وفي كل ساعات غيابه . والآن آن له أن يبر بقسمهذاك . ولكن كان عليه أن يخطو أصعب
الخطوات على الإطلاق ......

في ذلك
الصباح كان يمشي بخطا متثاقلة ولكنه مضى إلى ذلك المكان المسمى بيتا . هناك دخل جميع
الغرف ,تفقد جميع التفاصيل , راقب جميع الوجوه ؛ وكأنه يحاول أن يطبع في ذاكرته كل
زواياالمنزل وساكنيه . أراد أن يودع رائحة البيت الحميمة . وبينما هو يتنقل بين
زواياالمنزل والذكريات تتسارع أمام عينيه , استوقفته هالة من نور قطعت سيل الذكريات
.كانت هي هناك تجلس بسكينة في زاويتها المعتادة . قلب كبير ووجه طلق , ابتسامتها
لاتفارقها . لقد بقيت دائما سنديانة باسقة وجبلا صامدا في وجه الخطوب . فجثا
عندركبتيها وقبّل يديها ورأسها واستنشق رائحتها , وحنانها الفواح . سافر قلبه بعيدا
معها وانهال عليه سيل من دعواتهاالمباركة , وبينما هو غارق في بحر حنانها كل
الذكريات أمطرت كل حنايا ذاكرته , كلتلك اللحظات الجميلة ؛ عطف أمه ,حنانها , رائحة
خبزها ,فنجان القهوة معها . ثمتناهى إلى مسمعه صوت زلزل أعماقه , بعثره ولملم كل
الماضي وأيقظ كل الذكرياتالنائمة في زوايا ذاكرته . فنظر بطرف ساهم خلفه فإذا بها
تعيد السؤال بسعادة :قهوة؟! ألن تشرب معنا القهوة ؟! إنها جاهزة .

فتحشرج صوته في صدرهوقال : لا يا ندى ..ثم عقب : إني
ماض الآن...

وخرج مسرعا دون أنيجرؤ على
النظر في وجهها . لقد خشي إن تبادل معها النظرات أن تدرك وجهته . لم يكنيستطيع أن
يواجهها بنظرة فبقي مطرقا , ولميجب على بقية أسئلتها التي أمطرته بها
.

كم كان صعبا أن يهربمنها ومن نظراتها
التي تلاحقها في كل مكان تتفحصه وتترصده وتستنطقه . وهو يمعن فيكتمانه وهروبه
وتجلده.

يخرج بخطا متسارعةويتركها
مشدوهة خلفه تجتر أسئلتها وتلتهمها الحيرة. تحاول أن تجد تفسيرا لما تركهاومضى دون
أن يكلف نفسه عناء النظر إليها .

ولكنها لم تفلح فيالوصول إلى جواب , بقيت هناك واقفة
نهب الأسى, يستبيحها الصمت , وفي الصدر حاجاتيصعب البوح بها .

ومنذ ذلك اليوم مضىفي دربه باحثا عن قدره المحتوم ,
ودماء فادي تحدوه وتدفعه للتقدم نحو الأمام . كانحاضرا معه في كل تلك اللحظات التي
لا سبيل إلى وصفها ؛بحلوها ومرها بأمنها وخوفها. لقد مضى ومضيت معه. ذهبنا معا إلى
العاصمة نبحث عن ذلك الطريق الذي نذرنا أنفسناله . وعقدنا العزم على أن نخوض غمار
هذا الصراع حتى النهاية . كنا دائما على ثقةبأن الله لن يخذلنا و أننا سننتصر
.

وبعد عدة أيام قررناأن نتصل بالأهل
لنطمئنهم عن أحوالنا , ولما انتهى خليل كان يبدو متأثرا جدافبادرته بالسؤال : مع من
تكلمت؟

قال : شقيقة
الروح....

وأطرق يدافع أحزانهوران صمت
بيننا .. فسألته : وماذا قالت لك ؟

-
سألت أين أنا , وطلبتأن أكون على اتصال دائم بها .

- وبعد ؟
-
لا شيء .

- إذا ما بك ؟! لماكل هذا
التأثر ؟! هل ضعفت عزيمتك وتريد العودة ..

قال بصوت الواثق:أبدا ولكن رجع صدى صوتها مازال يرن في
أذني .

كانت تريد منه أنيبقى على اتصال
كي تتأكد أنه مازال على قيد الحياة . كان سلامه كاف كي تعرف وجهتهوهي ترقب مصيره من
مكانها.

بقي خليل في ذلكاليوم ساهم
الطرف شارد الذهن يسترجع تلك المكالمة الهاتفية التي أجراها في الصباح. وفي اليوم
التالي استيقظ باكرا وكأن الأمس لم يكن , وانطلقنا في طريقنا إلى إحدىتلك الساحات
نرويها بدمائنا . كانت معارك طاحنة وغير متكافئة . ولكننا كنا دائمانصمد رغم قلة
الرجال والعتاد , وكثيرا ما كنا ننجو بأعجوبة . وهكذا تمضي بناالأيام
.....

إلى أن جاء ذلك اليومالذي دخل
علينا فيه أحد الرفاق يصيح بلهفة :

-
أين خليل ؟!

فقام خليل فزعا ,ماذا
هناك ؟!

- عمك عبد الرحمن لقدأصيب في
المعركة ولم نتمكن من إسعافه إلى المشفى . إنه مع الشباب في الخارج
...

خرجنا جميعنا نتراكض لنرىالخبر .
لقد كان العم عبد الرحمن مع بعض الشباب في إحدى المهمات في ريف العاصمة ,كانوا في
وضع جيد ولكن ما إن تدخلت الطائرات في سير المعركة حتى قلبت الأمور رأساعلى عقب .
فسقط عدد كبير من الرفاق بين قتيل وجريح , أما العم عبد الرحمن فقد أصيببشظايا ,
كان وضعه حساس للغاية , صحيح لا يزال شابا ولكنه مريض والآن مصاب إصابةخطيرة . وما
إن خرجنا حتى رأيناه مضرجا بالدماء , واستشاط خليل غضبا وجن جنونه .فبدأ يتهدد
ويتوعد . ولكن لم تكن هنا المشكلة ؛ فبالكاد استطعنا السيطرة على وضعالعم . كان
استخراج الشظايا صعبا للغاية في ظل قلة المعدات الطبية بين أيدينا ,وكان التحدي
الأكبر يكمن في العثور على متبرع يتبرع له بالدم نظرا للنزف الشديدالذي تعرض له
وندرة زمرته الدموية . ولكن بحمد لله كان أحد الرفاق يحمل الزمرةذاتها وتبرع
له.

ومضت الأيام تترا ,وفي كل يوم نزف
شهيدا أو أكثر . وذات مساء كنا نجلس جلسة ودية , وبينما نحن نتسامرونتجاذب أطراف
الحديث بود بالغ بادرني خليل بالسؤال : كيف أهلك ؟

هل أصبحت أمك بخيرالآن ؟
فقلت : نعم
فقاطعنا أحمد قائلا :على ذكر الأمهات ؛ قررت أنا ورائد
العودة إلى القرية مع بعض الشباب لأطمئن على أميوبقية أهلي . سنغيب أياما ونعود
.

فاعترض خليل : ولكنالطريق غير آمن ,
إذا ذهبتم قد لا تقدرون على العودة .

-
كما أتينا سنرجع إنشاء الله.

- لا
تذهبوا ابقواهنا أفضل وأما أمك يمكن أن تتصل بها .

- إنها تريد رؤيتيلذلك سأذهب . لا تقلق لن أتأخر سأرجع
سريعا

- لا تكن أحمقا . الطريق غير آمن
, وإذا وصلتالقرية بأمان فلن تكون آمنا هناك .

- أيا يكن سأذهب .
- لا تتهور يا مجنون. كن عاقلا .
- (قل لن يصيبنا إلاما كتب الله لنا)
- حسنا . اذهب وارجعجثة هامدة . وخرج غاضبا ساخطا يملأ
السماء صراخا .

فخرجت ألحقه على
عجلأناديه : خليل ! توقف ماذا حل بك ؟ كيف تخاطب أحمد بهذه الطريقة ؟ كنت أظنه من
أعزأصدقائك.

- لأنه من أعزأصدقائي لا
أريده أن يذهب . لأنه لن يعود أبدا . أنت تعلم الوضع خطير جدا والطريقغير آمن .
وحتى إن وصل إلى القرية فلن يكون بمأمن هناك فالعيون في كل مكان.

- لا عليك يا رجل .توكل على الله .
- ونعم بالله . عسىأن يحفظهم من كل سوء , ولكنني لست
مطمئنا .

وفي اليوم التالي مع الغسق
وقفنا جميعا لتوديعأحمد وبقية الرفاق , واتفق أن وقعت عيني على خليل واقفا على
مسافة منا بصره معلقبأحمد ورائد وقاسم , يتفحصهم بدقة فناديته : خليل ألا تريد
توديع الشباب ؟!

- بلى أنا آت.
وأقبلعلينا فسلم عليهم جميعا , ثم أقبل على أحمد فنظر في عينيه طويلا ثم قال :
دعنيأحتضنك وأشمك , دعني أملأ رئتي من رائحتك .

وضمه بقوة ثم همس فيأذنه شيئا , فهز أحمد رأسه موافقا
وقال : إن شاء الله .

- عد إلينا سالما
ياصاحبي .

- إن شاء الله سأفعل, لا
تقلق.

- هيا أسرعوا كي لايتدارككم
الوقت .

- حسنا إننا ماضون
.

- رافقتكم السلامة .
ومضوا أمامنا وقلوبنامعلقة بهم . فنادى خليل : أحمد !
ابق على اتصال , ودعنا نطمئن عليك طوال الوقت .

- حسنا والآن إلىاللقاء.
- بأمان الله .
انطلقوا تحفهمدعواتنا وأجمل أمنياتنا , محملين بأشواقنا
للأهل والأصحاب , وأكملنا سهرتنا في ذلكاليوم نستعرض آخر الأخبار , ولكن خليل غلبت
عليه مسحت حزن كتلك التي أعقبت استشهادفادي . كان بين الفينة والأخرى ينظر إلى
جواله وكأنه ينتظر اتصالا هاما . وبعد مضيساعات قلائل وفي لحظة ساد فيها صمت رهيب
,كسر ذلك الصمت رنين جوال خليل فأجاب بلهفة :

- السلام عليكم
- ما الخطب ؟
- ما الذي حدث بالضبط؟
- أين أنتم ؟ وانقطعالاتصال
- فسألته بسرعة :ماذا هناك ؟ لقد تغير
وجهك

- من على الهاتف
؟

- إنه أحمد , يقولإنهم وقعوا في كمين
. هيا أسرعوا يجب أن ننقذهم , إنهم يطلبون المساندة .

- ولكن أين هم ؟
- في الموقع ب6 .أسرعوا الوضع خطير للغاية
.

وتراكض الجميع إلىالسيارات وسرنا
بأسرع ما يمكننا واستبسل الجميع , ولكن بلا فائدة لقد كان هناك منيرصدهم وأخبر عنهم
. لم نستطع فعل الكثير رغم كل محاولاتنا . والنتيجة لقد استشهدأحمد مع خمسة من خيرة
شباب القرية .. ولكن لم يكن هذا أسوأ ما في الأمر؛ وإنماتمكن الجيش من أسر جثثهم
ومساومة أهلهم عليها ....

وفي طريق
عودتنا إلى موقعنا كان الجميعمصدوما ومحبطا مما حدث , وانفجرنا بالبكاء جميعا . ما
كان يخطر لنا على بال أنأحدا سيشي بهم . وقاطع نحيبنا صوت خليل : لقد قلت لكم لن
يعودوا , كنت أعرف ذلك ,ما كان علينا أن ندعهم ليذهبوا إلى حتفهم على هذا النحو
.وخرّ على ركبتيه يبكي :كنت أعلم بأني لن أرى أحمد مرة أخرى .. فحاولت أن أواسيه :
هون عليك لقد نالالشهادة التي طالما تمناها .

- لقد اتصل بي وقال :أنجدونا بسرعة إنهم ينتظروننا هنا
,هناكمن وشى بنا .

وأبلغوا سلامي لأمي
.كانيعلم بأنه لن يبقى حيا , لقد بقي يقاتل حتى الرمق الأخير .

- هدئ من روعك , يجبأن تفرح له , كلنا ماضون على طريقه
.

- أتذكر عندما ودعتهلقد همست له في
أذنه .

- نعم أذكر , ماذاقلت له
.

- لقد حملته سلاميلأمي , وطلبت إليه
أن يقبل يدها وأن يحضر لي قبضة من رائحتها , فماذا حصل ؟! هوالآن يحملني السلام
لأمه.

في تلك الليلة لم أنم , ولم
يتمكن أحد من النوم, وبقي خليل جالسا على كرسيه حتى الصباح يتأمل ثياب أحمد . عند
الفجر اقتربت منهقليلا وقلت :

- ابتسم
إنه شهيد .

- إلى متى سأبقى أشربكأس
حسرة أصدقائي الواحد تلو الآخر , في البداية فادي ثم انفرط العقد وذهبواالواحد تلو
الآخر و الآن أحمد .

هل يجب أن أبكي
جميعأصدقائي .

- كلنا نسير علىخطاهم ,
ونرجو أن نلقى الشهادة مثلهم .

- أجل
أرجو أن يكونذلك قريبا .

لقد كان الخبر
صاعقا للجميع , وأما فيالقرية فقد كان فاجعا , وسرى فيها كما تسري النار في الهشيم
. لقد كان أشبه بكارثةحلت في القرية قاطبة . استشهادهم ضربة موجعة للجميع وخاصة ما
تبع ذلك من أحداث ؛فقد تم الاتصال بأهل الشباب لاستلام جثثهم بعد تدخل واسطة من
العيار الثقيل . وقداشترطوا أن يكون الدفن ليلا , وألا يكون مع كل واحد منهم إلا
أربعة رجال لدفنه .ولكن الصاعقة الأكبر عند استلام الأهالي الجثث , فلما كشفوا
عليها للتعرف علىأبنائهم وجدوها قد مثّل بها بوحشية . قيل إن رامز عندما استلم جثة
أخيه بدأ بفتحالكيس فوجد أخيه قد وضع بالمقلوب الرأس مكان الرجلين , فعرف أخيه من
رجليه ولم يكملفتح الكيس . لم يرى وجه أخيه لأنه لم يرد أن تنطبع في ذاكرته صورة
أخيه المشوه .لم يرد أن تكون آخر مرة يراه فيها تكون صورته فيها مشوهة . أراد أن
يتذكر دائماوجهه الجميل لا وجها مشوها .

في اليوم التالي اتصلنا بأهلنا وطلبنا إليهمالذهاب إلى
أم أحمد وبقية الأمهات ,وتقديم التهاني باستشهاد الشباب باسم جميعالرفاق وبأننا سوف
نكمل الطريق من بعدهم .

بعد استشهاد
أحمداستوطنت الوحشة خليل و عشعش الحزن في عينيه . وبعد أيام من تلك الحادثة جلسنا
سويةمساء , رأيته مطرقا , فسألته : ما بالك ياصاحبي ؟

- لا شيء .
- لما كل هذا الأسىإذا ؟
- الأهل يريدون أنأزور أم أحمد و أهنئها بنفسي
.

- وماذا قلت ؟
- طبعا لا أستطيع ,أنا لا أملك القدرة لكي أخطو خطوة
كهذه . الموقف أصعب من أن أحتمله . قلت لهمأذهبوا بالنيابة عني وأخبروها إني سآخذ
بثأره وثأر فادي مهما طال الزمن . وإننيسأسير على أثرهما حتى ألقى مصيرهما نفسه .
نحن لن نتراجع حتى ننتصر أو فلنستشهدجميعا .

وساد الصمت بيننالحظات ثم سألني قائلا
:

- ما هو أغلى شيءعندك
؟

- قلت : طبعا أمي .
- بل الوطن أغلى شيء .
- صدقت .
وفي الصباح انطلق الشباب في رحلة موت جديدة ؛ ذهب نصفهم
وبقي النصف الآخر لحمايةالموقع . وكان دوري في الذهاب معهم . ولكن قبل أذهب مررت
على خليل لألقي عليهالتحية : سلام . أنا ذاهب .

- نذهب معا
- ولكن ليس دوركاليوم .
- ليس مهما دور من ,أريد الذهاب وحسب .
وبينما نحن كذلكقاطعنا صوت : لا لن تذهب يا صديقي
.

إنه سمير ابن خالة خليل : وأردف
قائلا : أنتستبقى معي هنا. لدينا الكثير من العمل هنا . هيا اتبعني
.

- حسنا . أودع عامروآتيك
.

ولما مضى سمير إلىالداخل قال خليل :
هيا أسرع قبل أن يعود.

- ولكن قال لك
ابقهنا لأنه بحاجتك .

- دعك منه , هناك
غيريالكثير يمكنهم أن يساعدوه . أما أنا فعلي الذهاب .

- لم عليك الذهاب ؟!
- شيء ما يناديني .هيا أسرع قبل أن
يفتقدني.

ركبنا السيارة ومضينا وكنت
أنا مع خليل وعمهعبد الرحمن , وبعد ذهابنا بدقائق بحث سمير عن خليل فلم يجده , فركب
السيارة ولحقبالركب . وعندما وصلنا بادره بالعتاب : ألم أقل لك أن تبقى معي
؟

- نعم ولكن كان عليالحضور

- ولم ذاك ؟
- أنت وعمي ما كانينبغي لكما أن تأتيا . فعمي وحيد لأمه
, وأنت أمك سامها الدهر سوء العذاب حتىهدتها الخطوب . فإذا استشهد أحدكما سيكون
الأمر كارثيا على أمه . أما أنا فأمي عندهاغيري وهي قوية تستطيع احتمال الصدمة
.

- هذا هراء .
- دعك من هذا الآنلقد أتينا وانتهى الأمر
.

فخاطبتهما : هياعلينا أن نتوازع
المهام . لا وقت لهذا النقاش تكملونه عند العودة . انقسما سريعاإلى مجموعات توازعت
المواقع والمهام . ولبثنا غير بعيد ثم بدأنا العملية . كانتعملية صعبة وعلى قدر
كبير من الأهمية . وبعد معركة دامت من الصباح حتى بعد الظهرانتصرنا بصعوبة . ولما
انتهينا جاء خليل باحثا عني : مبروووك . كان شغلك حلو فعلاإنك بتستاهل بوسة. ثم
قبلني على خدي الأيمن وأردف : وهاي كمان بوسة . وقبل خديالأيسر .

لقد كان فرحا جدا .هذه أول مرة أرى خليل فرحا منذ
استشهد أحمد . ثم عاد أدراجه إلى موقعه وهو ينشدبسرور :

سنخوض معاركنا معهم وسنمضي جموعا
بردعهم

ونعيد الحق المغتصب وبكلالقوة
ندفعهم

مضى وتركني خلفهمذهولا . لقد
فاجأني , لا أدري كيف أتى قبلني وذهب .حتى أنني من شدة صدمتي لمأبادله القبل . كم
أشعر برغبة في الذهاب إليه . أريد رؤيته الآن وهذه المرة سأقبلهأنا . سأقبله
وأعانقه أيضا . وفيما أنا غارق بأفكاري هذه تنازعني الرغبة في الذهابإلى خليل قاطع
تفكيري أزير في السماء . صوت تناهى إلى مسمعي مشتتا ومرعبا . رفعتبصري سريعا فإذا
هي طائرة تحوم فوقنا . نعم طائرة وفي طرفة عين تطلق صاروخا . ياإلهي إنه متجه إلى
مكان خليل وبقية الرفاق . فأسرعت بجنون إليهم . أكثر من عشرةشباب يجلسون هناك عندما
رأوا الطائرة قفزوا يمنة ويسرة . ويسقط الصاروخ بالقرب منالذين قفزوا يمينا . ولما
وصلت إليهم كانوا مبعثرين هنا وهناك . منذ دقائق كنتأحدثهم والآن هم أمامي صرعى .
بالكاد تبينت وجوههم من خلف الدموع التي تملأ عيناي, وإذا بي أرى خليل ملقى مضرجا
بدمائه.

أسرعت إليه فإذا بهقد أصابته
شظية في عنقه من الخلف , فأمسكت يمينه واحتضنتها . كان مازال فيه بقيةمن حياة .
بدأت بمناداته بصوت مخنوق لا يكاد يعلو على زفرات تخرج من صدري : خليل... خليل .
أرجوك حدثني ..هل أنت بخير ...والدموع لا تزال تنهال من عيني على وجههوعنقه
.

وأعيد النداء: خليلأجب أرجوك. فضغط
على كفي بقوة ثم يسلم الروح....

- لا
تمت الآن انتظرحتى أقبلك وأعانقك على الأقل . لا تمت أرجوك . وانهلت عليه أعانقه
وأقبله ؛ أقبلوجنتيه وجبينه و كفيه . وأمسح شعره وأشم رائحته . ما كنت أصدق أنه قد
مات حقا . ثمجاء الجميع حيث كنت أنتحب عند خليل . أما العم عبد الرحمن وسمير فقد
أصيبا بصدمةجعلتهما من العسير عليهما أن يصدقا أنه قد رحل أخيرا . تلك كانت أمنيته
منذالبداية . هو تمنى الشهادة ونالها في النهاية .

عصر ذلك اليوم , وفي زاوية بعيدة وتحت أشجاروارفة الظل
طيبة الرائحة في الحديقة المجاورة ,أودعنا الشباب في مثواهم الأخير .وقمت أنا والعم
عبد الرحمن بإنزال خليل إلى روضته الصغيرة . وقبل أن نحثو الترابعليه طبعت قبلة على
جبينه , وهمست في أذنه :

طبت حيا وطبت
ميتاوطابت لك الجنة . لقد أبيت أن تتزوج لأنك أردت الحور العين . ونحن الآن نزفك
أجملعريس. نودعك الآن لتستقبلك الحور العين .

لا سبيل لوصف تلكاللحظات التي عشتها هناك أمام قبر
صاحبي . لا يوجد قلم يستطيع أنا يعبر عما يجولفي خاطري وفي صدري في تلك اللحظات
العصيبة .

استشهاد خليل كانصدمة كبيرة
للجميع ولكن كانت الصدمة الأكبر للشخص الأكثر توقعا للمصير ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://new4egy.0wn0.com/
Mahmod Moftah
عضو مميز
عضو مميز
Mahmod Moftah


ذكر
يارفيق الدرب Egypt10
عدد الرسائل : 8231
العمر : 28
يارفيق الدرب Yragb11
تاريخ التسجيل : 22/08/2009

يارفيق الدرب Empty
مُساهمةموضوع: رد: يارفيق الدرب   يارفيق الدرب Emptyالخميس مايو 16, 2013 8:30 am

Surprised
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يارفيق الدرب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شركة نيوفورايجى :: الساحة العامة :: الادب والمعرفه :: القصص والرويات-
انتقل الى: